الجمعة، 10 يناير 2014

مخاطر صناعة البلاستيك والمطاط

البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان من تربة وماء وهواء، وبما يحتويه هذا الإطار من مكونات جماديه أو كائنات تنبض بالحياة، وما يسوده من شتى المظاهر من طقس ومناخ ورياح وأمطار. ( محمد نبهان سويلم، 1998 : 10 ) .
وتمثل البيئة جميع العوامل الحيوية وغير الحيوية، التي تؤثر بالفعل على الكائن الحي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في أي فترة من تاريخ حياته. يقصد بالعوامل الحيوية جميع الكائنات الحية (مرئية أو غير مرئية) الموجودة في الأوساط البيئية المختلفة، والعوامل غير الحيوية هي : الماء، الهواء، التربة، الشمس، والحرارة. 
(على زين العابدين عبد السلام - محمد بن عبد المرضى عرفات، 2007 : 11)
 تطورت العلاقة بين الإنسان والبيئة المحيطة به منذ نشأتها وحتى الوقت الحاضر. وظهرت مدرستان في هذا الشأن.
الأولى المدرسة الحتمية . وقد نادى أصحاب هذه المدرسة باختصار بان الإنسان سلبي ومغلوب على أمره ويعيش في ظل قوانين أو ضوابط بيئية هي التي تتحكم في نشاطه وتوزيعاته على سطح الأرض ونظمه في المكان والزمان .
الثانية المدرسة الإمكانية ونادى أصحابها بأن الإنسان بما له من عقل ومهارات اكتسبها عبر تاريخه قادر على تغيير البيئة. (فتحي عبد الحميد بلال، 2006 : 22) 
وعلى الرغم من وجود تلوثاً طبيعياً عبر ألاف السنين (مثل ثوران البراكين وحرائق الغابات) فقد كانت البيئة قادرة على التعامل مع هذا التلوث,ويبدو أن البيئة لم تستطع أن تتعامل بنفس القدر من الكفاءة مع الزيادة المفاجئة الكبيرة في التلوث الذي حدث بفعل البشر. (محب كامل الرافعي، 2004 : 76)
إن مشكلة التلوث هي مشكلة واسعة الانتشار, فالتلوث قد وصل إلى باطن الأرض, فتلوثت الآبار والعيون الطبيعية ووصل التلوث إلى الفضاء الخارجي بسبب ما يحاط به من سفن فضاء وأقمار صناعية وصواريخ انتهي دورها أو صلاحيتها في الفضاء الفسيح. (محمد القصاص، 2007 : 31) 
يشير ( د. راتب السعود في دراسته الإنسان والبيئة 2007) إلى ثلاث  وسائل رئيسية لحماية البيئة ووقايتها من الأخطار القائمة، أو معالجة ما أصابها من تهديد، وما تعرضت له من ويلات، هي العلم، والقانون، والتربية، ملفتاً الانتباه إلى أن الكثير من الباحثين في مجال البيئة يرون إن دور التربية في حماية البيئة يبز كثيراً دور العلم أو القانون، ذلك إن التربية هي التي تصيغ شخصيات الأفراد ليكونوا علماء، وهي التي تغير من سلوكيتهم لتقبل تعليمات القانون والانصياع لنصوصه(•).
فالتربية البيئية ليست مجرد تدريس المعلومات والمعارف عن بعض المشكلات البيئة كالتلوث وتدهور الوسط الحيوي أو استنزاف الموارد ولكنها تواجه طموحا أكثر من ذلك يتمثل في جانبين : الأول : إيقاظ الوعي الناقد للعوامل الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والأخلاقية الكامنة في جذور المشكلات البيئية. والثاني : تنمية القيم الأخلاقية التي تحسن من طبيعة العلاقة بين الإنسان والبيئة, تلك العلاقة التي تطورت على نحو غير سوى وسببت كل ما يواجه البيئة من مشكلات. 
(محمد صابر سليم، 1999 : 28)
والأخطار البيئية التي يتعرض لها المواطنون في حياتهم اليومية وأنها تتزايد بمعدلات قد لا يجدي معها لحد كبير الإجراءات العلاجية. وعندما تدخل الإنسان في الطبيعة سواء بالاستخدام الجائر للموارد الطبيعية أو بمخلفاته ومخلفات صناعته وأنشطته في الطبيعة وفى المرحلة الأولى كانت الطبيعة قادرة على استيعاب وهضم مخلفات ومخرجات الإنسان وبدا التقدم الهائل والسريع في أنشطة الإنسان وزيادة مخرجاته ومخلفاته أصبحت الطبيعة غير قادرة على استيعاب وهضم هذه المخلفات فظهرت المشاكل البيئية بسبب تدخل الإنسان غير المسئول والجائر في الطبيعة. (التوصيف البيئي لمحافظة المنوفية، 2007 : 4، 142).
وبشكل عام فان احتمالية تلوث الهواء أثناء عملية تصنيع المواد البلاستيكية ينشا من انبعاث المواد الخام أو الجزيئات الصغيرة الأولية المونيمرات المستخدمة في عملية تصنيع البوليمرات في الهواء الجوي مثل انبعاث مونيمر كلوريد الفينيل أثناء صناعة بولى كلوريد الفينيل أو انبعاث مركبات الايزوسيانات أثناء صناعة البولى يوريثان, أو بتلوث الهواء أثناء عملية التخزين مثل ما يحدث في صناعة البويات والورنيشات والمواد اللاصقة كما تتسامى بعض الخامات المستخدمة في التفاعلات في الهواء الجوي مثل انهيدريد حامض الفثاليك (حامض الفثاليك منزوع الماء) في صناعة البويات الالكيدية أو بولى الاسترات كما تتطاير بعض المذيبات أو المواد الطيارة أثناء تصنيع بعض المكبوسات أو الألواح أو الأفلام البلاستيكية والشرائط اللاصقة وكذلك أثناء تخزينها.
خطر آخر ينتج من تلوث الهواء نتيجة تطاير بعض المواد المالئة أثناء إضافتها للمواد البلاستيكية وغالبا ما تكون هذه المواد عبارة عن مساحيق ناعمة للحجر الجيري أو أكاسيد بعض الفلزات أو اسود الكربون (السناج) كما
في حالة المطاط.
إن صحة الإنسان تتأثر بالمواد البلاستيكية بصفة مباشرة. إذا أثرت بضرر وخطر على غذائه أو شرابه أو دواءه. وهذا يحدث من الاستعمال غير المناسب لبعض المواد البلاستيكية كأدوات أو عبوات أدوية أو في مجال تعبئة السلع الغذائية ونفس الخطر ينتج من استعمال المواد المعاد تدويرها في هذه المجالات أيضا.
إن حرائق مصانع المواد البلاستيكية أو مخازن أو معارض المنتجات البلاستيكية تصيب الهواء بتلوث هائل نظرا لانبعاث كمية كبيرة من الأدخنة والغازات الضارة والسامة ويعود هذا بضرر كبير على صحة الإنسان وسلامته وكذلك الكائنات الحية الأخرى. (مجدي احمد مطاوع، 1997م: 125- 126)
والمطاط ينقسم إلى المطاط الطبيعي ويتركب هذا المطاط من بولى الايزوبرين Poly isoprene وهو قابل للاشتعال (LOC = 17) أقل نسبة أكسجين لازمة للاشتعال Limiting ( minimum ) oxygm concentration (LOC) that will propagate flame  ولا يتميز بخواص ميكانيكية عالية تناسب الاستعمالات المختلفة, ويتم تحسين خواصه بإضافة بعض الإضافات إليه وتحت تأثير الضغط ودرجة الحرارة يتحول إلى المطاط المحسن المعالج.
المطاط الصناعي قبل الحرب العالمية الثانية كان المطاط الطبيعي يشكل 100 % من صناعة المطاط ثم بعد ذلك لم يستطع إنتاج المطاط الطبيعي أن يغطي احتياجات العالم ثم ظهرت وتطورت صناعة المطاط الصناعي وأصبح مطاط الاستيرين بيوتاداين أكثر أنواع المطاط إنتاجا بالأطنان ويتم إنتاج المطاط الصناعي في خطوتين الأولى تحضير المونيمر والثانية بلمرة المونيمر(*) .
مطاط الاستيرين بيوتادايين وهذا المطاط عبارة عن راتنج مشترك خواص الاستيرين والبيوتادايين وهو قابل للاشتعال (LOI = 17) وينصهر بالحرارة.. وهو أكثر أنواع المطاط انتشارا نظرا لرخص ثمنه وله خواص ميكانيكية عالية كما تجرى عملية الفلنكة vulcanization وهي عملية كيميائية تجرى على المطاط بغرض زيادة قساوته وتقليل مرونته عن طريق إضافة الكبريت لتحسين خواصه أيضا كما يضاف إليه كل من اسود الكربون وبورات الزنك أو الكالسيوم في وجود أكسيد الحديد الذي يقوى من تأثير هذه المواد Synergistic effect لمقاومة الاحتراق. ويستعمل في تصنيع إطارات السيارات وهذه الإضافات تزيد من تكوين الدخان الكثيف عند الاحتراق ويزداد تصاعد الغازات السامة ويلوث البيئة. 
ويمتاز مطاط بولى الكلوروبرين Polychloroprene Rubber بخاصية الإطفاء الذاتي Self - extinguishing نظرا لاحتواءه على نسبة كبيرة من ذرات الكلور - ومعامل الأكسجين له مرتفع نسبيا (LOI = 26). 
(أحمد مجدي مطاوع، 1999م: 138-141)
مخاطر المطاط  Rubber : تتركز الخطورة في صناعة المطاط أثناء عملية إضافة بعض الإضافات إليه كمواد مالئة أو كمواد مصلدة. وهذه المواد تكون على هيئة مساحيق ذو جزيئات غاية في الدقة مثل اسود الكربون (السناج) الذي يتطاير وينتشر في الهواء الجوى مسببا تلوثا له كما يسهل تنفسه فيصيب العاملين بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الدم. 
كما يحدث نفس التأثير عند إضافة الكبريت أو إضافة بعض الزيوت التي تتطاير في الهواء الجوى. (أحمد مجدي مطاوع، 1997م: 134-136)
معظم أنواع البلاستيك المألوفة تشكل خطراً على صحتنا وعلى البيئة، إذ تسبب صناعتها وحرقها تلوثاً بيئياً كبيراً واستعمالها يسبب التسمم. وصعوبة التخلص منها تسبب مشاكل بيئية عديدة.  وتتفاوت خطورة البلاستيك من نوع إلى آخر، أما أخطر أنواعه فهو ألـpvc (polyvinyl chloride)  المعروف باسم (vinyl)، فهذا أكثر أنواع البلاستيك خطراً على الصحة، إذ أثبتت أبحاث عديدة أنه أدى ويؤدي إلى مشاكل صحية عديدة بما فيها السرطانات المختلفة وتلف جهاز المناعة والخلل في الجهاز الهورموني. هذا النوع من البلاستيك يطلق مواد سامة عديدة ومتنوعة تعرف بالمركبات الكلورينية، وهي تتسرب إلى المياه والهواء والغذاء، لذلك يكاد لا يخلو جسم منها. ألـ PVC موجود بكثرة حولنا في أغلفة الأغذية المختلفة وأثاث البيوت ولعب الأطفال وقطع السيارات ومواد البناء ومعدات المستشفيات وفي مئات المنتجات الأخرى.  إن الفائدة الوحيدة من هذا البلاستيك هي أنه رخيص الثمن، لكن ضرره كبير جداً. فهو المسئول عن نشر المواد السامة في الكرة الأرضية، ويعتبره العلماء من أخطر أنواع البلاستيك على البيئة وعلى صحة الإنسان. صناعة الـ pvc تحتاج إلى كلور وهي من أكثر الصناعات استهلاكاً له، والكلور مسئول عن مشاكل تسمم عديدة. فمادة الـ CFC كلورو فلورو كاربون Chloro Fluoro Carpon التي تحتوي على الكلور مسئولة عن تلف طبقة الأوزون التي منحنا الله إياها لتحمينا من الأشعة فوق البنفسجية (uv) الموجودة في أشعة الشمس، والتي تسبب سرطانات الجلد ومشاكل أخرى (•).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق